أمريكيا ليست ضد اتفاق مكة بقلم:محمد الوليدي
تاريخ النشر : 2007-02-28القراءة : 6471
أمريكيا ليست ضد اتفاق مكة، ولا الكيان الصهيوني ضده ، رغم التصريحات المسرحية الشاجبة له والتي انطلقت من واشنطن وتل ابيب على أساس قاعدة ان كل ما ترفضه أمريكيا والكيان الصهيوني يبشر بالخير عربيا.
قبل فترة وجيزة من اتفاق مكة رفضت الرياض استقبال اسماعيل هنية أثناء جولته في عدد من البلدان، لكنه زيارته لأيران والتخوف من نتائجها في هذه الظروف جعلت أمريكيا تفكر بحل وسط مع وعود كاذبة عبر السعودية انطلت على حماس والتي تنازلت لأجلها عن مبادئ كانت قد عاهدت على عدم التنازل عنها بخصوص الأتفاقات الموقعة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني ،والتي وافقت على أحترامها على الأقل وأستراحة المحارب الذي ما رأينا عرقه يتصبب مدرارا ليستريح ،أستراحة محارب والأقصى في خطر .. أستراحة محارب مطلوبة امريكيا وصهيونيا في هذا الوقت العصيب الذي تمر فيه امريكيا وهي تعد العدة لمغامرة اخرى مع أيران وتخشى عواقبها ،خاصة وأنها دخلت حروبها مع أفغانستان والعراق بكل ثقة ولقت ما لم يحمد عقباه، رغم الحشد الذي اعدته لهذه الحروب ، فكيف بدولة كأيران غير متأكدة من مدى قوتها والى أي مدى وصلت في مشروعها النووي، واكثر ما يخيفها هو خوف الكيان الصهيوني الذي لا يستبعد انتقاما أيرانيا عبر حزب الله وحركة حماس، لذا كان لا بد من أبعاد حماس عن ايران بأي ثمن ،وهذا ما قامت به أمريكيا بواسطة الملك عبد الله بن عبد العزيز ،واشراف واشتراك من بندر بن سلطان ومحمد دحلان، وقبل ذلك ارسال طائرة سعودية خاصة لنقل هنية للديار المقدسة من أجل الحج واجتماع خاص مع الملك عبد الله .
فأتفاق مكة لم يكن من أجل ايقاف الدم الفلسطيني الفلسطيني لكن الدم الفلسطيني الفلسطيني كان من اجل هذا الأتفاق الذي لا بد منه منه خاصة بعد الفشل باسقاط حكومة حماس ككل وقد أثبت الزمن ان الدم الفلسطيني لم يكن من أولويات أي نظام عربي سوى في هدره .
والملك عبد الله بن عبد العزيز نفسه كان ولا زال يتمنى أسقاط حكومة حماس وهو الذي لم ينفك عن مطالبتها بالأعتراف بالكيان الصهيوني والأتفاقات الموقعة معه، بل قال لحماس خلال أتفاق مكة ان العدو الرئيسي الان هي أيران وليست اسرائيل، حسب ما ذكرت صحيفة " ذي أستراليان" الأسترالية ، دون أن يضع في حسابه ولو للحظة على الأقل ما يفعله الكيان الصهيوني من حفريات تحت المسجد الأقصى ولا أدري ماذا سيقول الآن وهو يرى الجيش الأسرائيلي يجتاح مدينة نابلس ويهدد بأجتياح غزة ، ناهيك عن مبادرته للصلح الشامل مع الكيان الصهيوني عام 2002 عندما كان وليا للعهد ،والتي أقرتها قمة بيروت في تلك السنة واعتبرت مبادرة عربية رغم انه كشف فيما بعد أنها ليست سوى مبادرة أمريكية تحت التجريب .. ان اصدق ما قاله عبد الله حين قال للمجتمعين في مكة : "لا تضيعونا" وجانب الصدق حين أكمل " ولا تضيعوا انفسكم ".
أمريكيا ليست ضد أتفاق مكة , كما ولا يمكن ان تتخذ السعودية موقفا تكون أمريكيا ضده او دون ر غبتها، ولا يمكن ان تقدم السعودية للفلسطينيين حتى ولو شربة ماء دون اذن امريكيا وما بالغت حين طرحت هذا المثل، فبعد احداث بيروت نقل عددا من الجرحى الفلسطينيين عبر احدى السفن الى مستشفيات اليمن بعد ان ضاقت بهم مستشفيات بيروت ،وحين نقص عليهم الماء طلبوا من ميناء جدة السعودي، التوقف للتزود بالماء، فطلب منهم الأنتظار ،وأنتظروا لمدة اربع ساعات ليأتي الأمر بالرفض، لتواصل السفينة مسيرها الى اليمن وجرحى فلسطين عطشى .
أمريكيا بدأت ترتيب الأوضاع قبل حربها على ايران وأتفاق مكة لا يختلف عن اجتماع كوندليسا رايس مع مسؤولين من الأستخبارات العربية كالسعودية ومصر والأمارات والكويت والمغرب؛اللهم أن أتفاق مكة جرى في مواجهة الكعبة المشرفة مع بليون دولار، كما لا يختلف عن تعويض روسيا بالسعودية مقابل تخليها عن أيران خاصة وأنها الأكثر ثراء واقل ذكاء ولو كانت سمراء، والتي توجت بزيارة بوتين للسعودية .
أذن أمريكيا ليست ضد اتفاق مكة، لكن مكة المكرمة ضد الأتفاق الذي جرى تحت أستار كعبتها .
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment