Saturday, June 11, 2011

نعم يا أماه يطلق الفاسدون ويظل إبنك!

06 يونيو 2011 11:01


نعم يا أماه يطلق الفاسدون ويظل إبنك!

محمد الوليدي

لكم آلمتنا وأحزنتنا كلمات أم البطل الأردني أحمد الدقامسة وهي تصم بالعار من أطلق سراح اللصوص وترك أبنها البطل خلف القضبان، مع أن الكثيرين من اللصوص ما رأوا القضبان قط.

هل تعلمين يا أماه لماذا أطلقوا اللصوص .. لأنهم الأقربون .. والأقربون أولى بالمعروف، أما إبنك فمن منهم من يستطيع أن يقترب من عليائه وسموه.

سيقولون لك الذنب ذنبك، فأنت من ربيته على العزة في زمن الذل والكرامة في زمن الهوان والرجولة في زمن الإستكانة والنخوة في زمن الخنوع ، في حين تربوا هم على الذل والخنوع وكيف يحلبون دم الوطن كلما لاحت لهم الفرصة..

هؤلاء هم الذين يدعون بأنهم الأحرص على مصلحة الوطن، والأقرب للحاكم والساعي لمصلحته، هم هؤلاء الذين طلب منهم الملك أطلاق سراح الفزاع فرفضوا لأنهم الأعرف بمصلحة الوطن!، هم نفسهم الذين كذبوا على بن علي وقالوا له بأن تونس الخضراء تزداد إخضرارا في اللحظة التي كانت تشتعل فيها النيران تحت قدميه، وهم نفسهم الذين أغرقوا مبارك فوق غرقه في بحور الكوارث، ولم يستيقظ الا وهو مخلوعا من "حتة العيال الصغيرين" الذي أوهمه هؤلاء بهم، وهم نفسهم الذين قطعوا قضيب طفل لم يبلغ الحلم في سوريا وقالوا لسيدهم أياك أن تستسلم وإلا ثأروا منك وقطعوا قضيبك، وهم الذين لا زالوا يطبطون على ظهر الشاويش حتى وصلت القذائف غرفة نومه، وهم الذين لا زالوا يخيفون ملك الملوك من أن يفقد بقية أولاده فيما لو تنازل.

هذه الجماعة مصالحها مرهونة بوجود الحاكم، مع أن ليس لديها الكثير ما تخسره مقارنة مع الحاكم في حالة خروج الحاكم، وعادة ما تسجل أفعال هذه الجماعة بإسم الحاكم حيث هو من يتحمل مسؤولية أفعالهم، أما هم فعادة ما ينسحبون بهدوء وكأن شيئا لم يحدث، وقد يتبجحون ويفتشون لهم عن مناصب في عهد ما بعد الحاكم الذي أدعوا له الإخلاص بلا حدود ..

نعلم أن قضية هذا البطل قضية كبيرة ومعقدة، خاصة أنها مرتبطة بمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية مع العلم أن هذا البطل لا يعترف بها وسبق وأن رفع دعوى لإبطالها، لكن ما يجري الآن من ظرف يخفف من قيودها ويجعل المصلحة العليا هي في إطلاق سراحه لا إستمرار إعتقاله.

بل ويمكن أن تضع حركة حماس إسم هذا البطل أحمد الدقامسة ضمن صفقة تبادل الأسرى مع شاليط، بحيث يتنازل الكيان الصهيوني من طرفه عن ما تبقى من حكم على هذا البطل، ويكتفي القضاء الأردني فيما له من حق بالسنوات التي قضاها هذا البطل خلف القضبان.

فالعار علينا جميعا إن لم يتم إطلاق سراح هذا البطل الحر .

Sunday, June 5, 2011

مشايخ كبار متورطون في قضية بنك فيصل

مشايخ كبار متورطون في قضية بنك فيصل

السبت, 04 يونيو 2011 09:02

محمد الوليدي

استكمالا لما أوردته في مقال "بنك فيصل الإسلامي هو بنك الدم الفلسطيني" كانت هناك ثمة نقاط حساسة تركتها لأستكمل التحقيق فيها وحتى لا نظلم أحدا فيها، وكيف إذا كان هذا "الأحد" ممن يسبح الناس بحمدهم بكرة وأصيلا، كان على أن أكتب لبعضهم وأستفسر منه عن بعض القضايا المتعلقة به ثم أنتظر رده، والذي غالبا ما يطول مجيئه، أو لا يأتي أبدا.

قبل أن أبدأ أود أن اسأل وأجيب، لماذا كانت إسلامية هذا البنك خاصة إذا ما عرفنا أن أصحاب هذا البنك لم يعرف عنهم التدين في أي حال من الأحوال، بل عكس ذلك تماما!، فبعض قراء مقالي السابق عن هذا البنك، أبدوا شكوكهم في إسلامية هذا البنك من خلال تعاملاتهم معه، مع أن الأحوال التي عليها الآن أرحم بكثير عن بداياته .

أجيب بأن إسلامية هذا البنك لم تكن على البال، بل كانت فكرة جهنمية خلفها عقول كبيرة، ولها أهداف عديدة، أولها وليس أهمها: أن هذا المشروع ألقي كاهله على أكتاف مشايخ كبار ولا يعقل ان يتنازلوا هؤلاء عن سمعتهم الدينية بطريقة مكشوفة في سبيل إقامة هذا المشروع كبنك ربوي مثلا، ثانيا: لإبعاد الشكوك عن أصول أموال هذا البنك، وحتما من يختمر عقله بهذه "الإسلامية" لن يذهب خياله بأن هذا المال "المبارك" كان نتيجة أموال مسروقة من شعب حاولوا دفنه حيا، ورشاوى قبضت للتنازل عن حقوقه وبإسمه.

ولاحظوا معي أن البنك لم ينشأ في السعودية حيث كان يقيم مالكي البنك رغم إسلاميته المزعومة، وذلك بسبب القوانين البنكية الدولية التي ترتبط بها السعودية، مما سيعرضه للإشراف الدولي ثم الكشف عن أصوله، لذا بدأ في مصر والسودان وعبر تراخيص خاصة من الرئيسين المصري أنور السادات والسوداني جعفر نميري آنذاك وبإمتيازات لم تمنح لأي بنك من قبل، بالطبع لم يتم ذلك دون رشاوى ضخمة دفعت لهذين الزعيمين المشهورين بفسادهما، وكل ذلك تم على حساب إقتصاد مصر والسودان، ثم فيما بعد أمتدت عمليات البنك الى البحرين وبمشاركة الملك البحريني نفسه.

ولما كانت هذه الإسلامية غير كافية، تم رفدها بوجوه إسلامية شهيرة، لتكن واجهة ودعاية وتزكية لهذا البنك، وكم من المحزن أن يرتضي شيوخ كبار لهم تاريخهم، أن يكونوا سلعة وأداة رخيصة في أيدي لصوص ولو كانت مقابل أموال كبيرة، ولكن من يهن يسهل الهوان عليه، كما قال المتنبي.

لقد تم الإتصال تلفونيا بأكثرهم: "يا شيخ أنت عضو مجلس إدارة في البنك .. نرجو المقابلة " وهكذا أصبح أكثر أعضاء هذا المجلس من الشيوخ المعروفين، ونعلم أن أعضاء مجلس الإدارة في أي مؤسسة عادة ما يكونوا من ملاكها أو أصحاب الأموال والقرار فيها، الا أن الوضع هنا أختلف لغاية في نفس يعقوب.

ودعنا نرى ما كتب الشيخ يوسف القرضاوي في مذكراته عن هذه الإسلامية التي نزلت من السماء عند أصحاب هذا البنك، في قسم (عضوية مجلس إدارة بنك فيصل): "فليس عند أكثرهم أي فقه شرعي، ولا عندهم أي إيمان بفكرة بنك إسلامي، ولا عندهم أي التزام بخلق إسلامي، حتى كان منهم من لا يقيم الصلاة، ومن تدخل عليه وهو يدخن سيجارة. بل حكى لي بعضهم أن منهم من كان يفطر في رمضان! فهل يؤمن هؤلاء على إقامة مؤسسة إسلامية يأتمنها المسلمون على تنمية أموالهم في الحلال، وهم لا يعرفون حلالا من حرام؟!!. لقد دخلت على مسئول كبير في البنك يوما فوجدته يلبس في يده خاتما كبيرا من الذهب، فقلت له: هذا حرام على الرجال في الإسلام. قال: إن والدتي أهدته إليَّ حينما تزوجت! قلت: والدتك لم تكن تعرف أنه حرام. قال: ولا أنا أعلم أنه حرام. قلت: سأهديك كتابا يعطيك فكرة معقولة عن الحلال والحرام. فأهديته كتابي (الحلال والحرام في الإسلام). فلما قابلته بعد ذلك. قال: إن كتابك قد علمني كثيرا مما كنت أجهله. لقد كنا في جهالة وعمى، ففتح عيني. ووجدته قد خلع خاتمه الذهبي، ولم يعد في يده".

قبل أن أسمي هؤلاء المشايخ، وحتى لا يُصدم القراء من حجم الإسماء التي سنسميها، لا بد من إعطاء لمحة عن ظروفهم قبل ان يقدموا على ما أقدموا عليه، فهؤلاء المشايخ كانوا ممن قدم للأمة الكثير والكثير، والكثير منهم جاهد وسجن وعذب عذابا قضى على العديد من رفاقهم في السجون من شدته، كما أغتيل العديد من رفاقهم، لقد عايشوا الموت في كل لحظة من حياتهم، ثم جاءت ضغوط الأسرة، حيث أدى هذا الى تقديم "تنازلات" ومن ثم الخروج، في حين رفض العديد من رفاقهم تقديم أي تنازل حين فضلوا السجن بل والموت على ان يتخلوا عن أي مبدأ من مبادئهم، منهم الأمام سيد قطب رحمه الله الذي رفض ان يتنازل حتى وحبل المشنقة حول عنقه.

أما مشايخنا الذين تنازلوا فقد غادر معظمهم الى السعودية حيث أستقبلوا إستقبال الأبطال، فقد كانوا أعداء العدو (جمال عبد الناصر)، وتم إسكانهم فنادق الخمسة نجوم وسلموا سيارات فارهة ليتنقلوا بها، مع حياة رغيدة أنستهم مصر وجمال عبد الناصر وسجونه، ثم جاءت فتنة المال لتزيد الطين بلة، كما يقول المثل، والتي حولتهم من دعاة الى تجار تماما.

لم يكن كل هذا دون ثمن، بل ثمن باهض جدا، فثمة ما كان يتعلق بقضايا ليست من شأننا هنا، لينتهي الأمر بالعمل على إنشاء بنك فيصل الإسلامي .

إسمان كبيران جدا نبدأ بهما، كانا على علاقة بعبد الرحمن عزام ومع أولاده ونسيبه!، وكانا بالطبع على معرفة تامة بأصول أمواله.
الأول هو توفيق الشاوي، من الرعيل الأول للإخوان المسلمين ومن رفاق الإمام حسن البنا رحمه الله، كان من الذين عملوا بهمة وجد من أجل إخراج هذا البنك الى حيز الوجود، توفي عام ٢٠٠٩ وحسابه عند ربه.
الثاني هو يوسف ندا، من مشاهير الإخوان المسلمين ورجل الإقتصاد الأول عندهم لولا الحادثة الأخيرة - سنأتي على ذكرها - رفض العمل في البداية في إنشاء هذا البنك، لكنه كما يقول أنتهى الأمر بتقبيل "الخشوم" فأضطر للموافقة، سألته عن أسباب رفضه ووضعته بصدد ما توصلت اليه، ووعدني بالرد الا أنه ما جاء أبدا، وهو الذي أختار الشيوخ الذين عينوا كأعضاء في مجلس الإدارة، ترك البنك فيما بعد ومعه بعض هؤلاء الأعضاء، وأنشأ بنكا آخر يدعى بنك التقوى وكان من كبار المستثمرين فيه بعد يوسف ندا هو الشيخ يوسف قرضاوي، أنهار البنك بعد عشر سنوات من إنشائه، وقد أتهمت بعض قيادات الإخوان يوسف ندا نفسه بأنه هو من سبب إنهياره، وبالطبع القضية المرفوعة عليه لا علاقة لها بهذا الإنهيار، فالحكم صدر عام ٢٠٠١وبعد أن كان قاعا صفصفا، وعلى كل حال إن كان هو السبب فلم يكن هو الأول، فقد سبق وأن تم الإستيلاء على أموال الجماعة في إحدى الدول العربية ومن قبل قيادي وتم التستر على الأمر حتى يومنا هذا.

والآن فلننظر الى أسماء المشايخ في أول مجلس إدارة لبنك فيصل الإسلامي:
منهم الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين حاليا، عمل بجد وإجتهاد من خلال مجلس الإدارة على انجاح البنك، وقدم النصائح تلو النصائح للعامة من أجل التعامل معه ومع المؤسسات المالية التي أنبثقت منه فيما بعد، كتبت اليه ووضعته في صدد ما توصلت اليه، ثم جاء الرد من مكتبه عما هو المطلوب من الشيخ، فطلبت سحب التزكية والتي سبق وأن زكى بها البنك أمام عامة المسلمين وتبيين حقيقة البنك حسب معرفته به وتبيين الحكم الشرعي لمالكيه الحاليين وفي ما يجب ان يفعلوه في هذا الوقت بعد أن ظهرت حقيقته، فجاء الرد بأن الشيخ مريض وأدعو له بالشفاء.

ومن بينهم أيضا الشيخ المهندس أحمد حلمي عبد المجيد، أخطر شخصية عرفها الإخوان المسلمين منذ بدايتهم، كان المرشد السري للجماعة، وكان مصدر قوتهم لفترة طويلة، حيث وقف بالمرصاد لكل من آذى الجماعة، وبعد دخوله عالم المال أعلن براءته من ماضيه، وحين عاد لمصر صار الصديق المقرب للسادات "الرئيس المؤمن!"، حيث حمل الجماعة على الإهتمام بالإقتصاد وعلى حساب الدين، وكأنه يقول"المال هو الحل"، عمره ٩٣ عاما ولا زال غارقا في "فتنة المال"، قال عنه الدكتور محمد سليم العوا ومجموعة من قيادات الأخوان في بيان، بأنه المرشد المجهول الذي يقود جماعة مجهولة.
ومنهم الشيخ أحمد عادل كمال، من مشاهير الإخوان، كان مسؤولا عن التنظيم السري للجماعة وكان الرابط ما بينها وبين الضباط الأحرار، بعد دخول عالم المال، تبرأ من ماضيه، وقال أن أعماله لم تكن تمت للإسلام بصلة!، بلغ ان يكون نائبا لمحافظ بنك فيصل الإسلامي.
ومنهم أيضا الشيخ محمد خاطر، مفتي مصر سابقا، رئيس هيئة الرقابة الشرعية في البنك.
ومنهم الشيخ يوسف البدري والذي كشفته صحفية مصرية في عملية تدجيل واضحة عبر تصويره بهاتف محمول.
ومنهم الشيخ عبد الله بن علي المحمود، إماراتي، يعمل لصالح المؤسسات المالية المنبثقة عن هذا البنك في الخليج العربي، والمفتي لها، كتبت إليه أكثر من مرة ولم يجب.
ومنهم أيضا الدكتور أحمد النجار، والدكتور جابر عبد الحميد والشيخ صديق الضرير.

السؤال المهم هنا هل كان هؤلاء الشيوخ يعرفون بحقيقة أصول هذا البنك، أنني أجزم بأنهم كانوا يعرفون، ليس لأنهم كانوا أعضاء أول مجلس إدارة وحسب، بل لأن الخلافات دبت بين المالكين منذ البداية، فأولاد عزام لم يرتضوا والمال مالهم أن يكون نسيبهم محمد الفيصل; زوج أختهم منى، أن يكون هو السيد بلا منازع في البنك والمسيطر على كل شيء، فدب الخلاف وكانت تظهر الخلافات في إجتماعات مجلس الإدارة، وحتما حين تحدث هذه الأمور أمام شيوخ أصحاب خبرة ومن الطراز اللماح فلا بد وأن يصلوا للحقيقة، تعالوا معي لنر ماذا كتب الشيخ القرضاوي عن هذه المرحلة من مذكراته في فصل نشاة بنك فيصل، وقد كتب ما كتب بطريقة ذكية ودون أن يطرح أسبابا واضحة وحقيقية بحجم هذه الخلافات، وهي قد تمر على القارئ مرور الكرام لو لم يعرف حقيقة هذا البنك في الأصل :
".. ومن ذكريات بنك فيصل: ما كان يحدث في اجتماع الجمعية كل عام، من صراع على مقاعد المجلس، فقد كان هناك فئة لها مجموعة كبيرة من أسهم البنك من آل عزام ومن يلوذ بهم، وكانوا على خلاف مع الأمير محمد على ما بينهم من قرابة، وكانوا كل سنة يثيرون غبارا ودخانا في جلسة الجمعية العامة، ويقدمون الأسئلة المحرجة، ويرفعون درجة التوتر إلى أقصاها، ويزداد هذا ويتضاعف كل ثلاث سنوات، حين يكون هناك انتخاب مجلس جديد، فتراهم يرسلون إلى كل مساهم خطابات مطولة، فيها اتهامات وانتقادات، وربما شتائم لمجلس الإدارة، ولإدارة البنك. وعند عقد الجمعية، يتكتلون في القاعة، ويبدءون المشاغبة، ويدفعون بعض الناس معهم ليقوموا بذلك.. ونظل أحيانا معظم الليل في هذا الجو الخانق المؤلم من الصراع.."

بالطبع يعرفون كل شيء .. يعرفون أن هذه الأموال ليست الا ثمن فلسطين والقدس والأقصى، ثمن دماء شعبها ودموعهم، ثمن لقمة عيشهم التي سرقت قبل ان تصل أفواههم، ثمن دماء رفاق هؤلاء المشايخ الذين أستشهدوا في سبيل فلسطين، ثمن المعاناة التي لا زال يعانيها الشعب الفلسطيني حتى يومنا هذا..

لقد أجمعت كل الشرائع السماوية وكل القوانين الوضعية على رد المال المسروق الى مستحقيه إن كان باقيا، وها هو لا زال باقيا، بل أن ثلاثة من الأئمة: الشافعي ومالك وأحمد رضوان الله عليهم، أوجبوا ردها مع أرباحها إن تم إستثمارها، وقد يكون الحل الأسهل جعل هذا البنك وقف لفلسطين وللمتضررين من أبناء شعبها.

ثمة ضحايا لهذه الجريمة رحلوا عند خالقهم عز وجل، وثمة ضحايا باقون، ومنهم من يعيش في ظروف لا تمت للإنسانية بصلة حتى يومنا هذا، منهم خمسة آلاف لاجئ فلسطيني يعيشون في لبنان، يولدون أرقاما و"يعيشون" أرقاما ويموتون أرقاما، لا يورثون ولا يتورثون، لا إعتراف بميلادهم ولا حتى وفاتهم، لا إعتراف بزواجهم ولا أولادهم ..يأتون الى الدنيا ويخرجون منها بصمت ودون أن يعتدوا على راحة غاصبيهم أو سارقيهم، وكأنهم يعرفون أن حجم الظلم الذي تعرضوا له يفوق أي لغة وأي فعل وأي تصور، كأنهم يعرفون أن كل ضروب العدالة في هذا الزمن العربي الذي أمتهن الظلم الصارخ لا يكفي واحدا فيهم، لذا تركوا الأمر للواحد الأحد ..

أنني أطالب المجلس العسكري المصري والنائب العام بالتحقيق الكامل والمستوفي في قضية بنك فيصل الإسلامي، كما أطالب الرئيس السوداني عمر البشير بنفس الشيء، حتى لا يقفوا في صف المعتدين بصمتهم عند من لا يضيع عنده حق، وحتى لا يسجل التاريخ عليهم أنه تمت المتاجرة بثمن فلسطين وقدسها ودم ودموع شعبها على أرضهم وهم يتفرجون.

الإعلام الإسلامي والتستر على خيانات الأمة

الإعلام الإسلامي والتستر على خيانات الأمة

29 مايو 2011 09:44

محمد الوليدي

منذ عهدي بالكتابة لم يسبق لي وأن تعرضت لحركة الإخوان المسلمين إلا بكل خير، لا أنتمي لها كما لا أنتمي لأي حركة أو حزب، لكن إحترامي وتقديري للكثيرين من رجالاتها دعاني أن أسير على خطها بقلمي ما استطعت، لقد اطلعت على وثيقة للمخابرات الأمريكية كانت عبارة عن تقرير مرفوع للرئيس الأمريكي ترومان عام ١٩٤٧، يعتبرون هذه الحركة الخطر الأكبر في العالم العربي على الكيان الصهيوني الذي كانوا يعدون له وأن غيرهم كانوا في الجيب كما يبدو- وكانت هذه هي الحقيقة، فقد سقط زعيمها الإمام حسن البنا شهيدا في سبيل فلسطين، كما سقط العديد من تلاميذه شهداء على ثرى فلسطين، وبلغ أن فردا منهم كان عن جيش وهو البطل الشهيد أحمد عبد العزيز رحمه الله، وظلت هذه الحركة تعطي حتى انجبت الأمام الشهيد سيد قطب رحمه الله، ما كانوا ينظرون لمصالحهم الشخصية والضيقة، تاريخهم طهر ونقاء لأن عيونهم كانت على الآخرة ولم تستطع أن تردعهم عنها سياط محاكم التفتيش التي مزقت أجسادهم في سجونها.

ثم رأينا منهم الداعية الجليل وجدي غنيم وهو يشرد من بلد الى بلد في سبيل كلمة الحق، وما سمعناه يقول الظرف لا يسمح الآن، أو يرمي بتلك الأعذار التي دمرت الأمة ولا زال مشايخ هذا الزمن يلقون بها.

لكن هذا لا يعني أن هذه الحركة التي أصبحت كل عيون الدنيا عليها لم تتعرض للإختراق، بل إني أجزم أنها تعرضت للإختراق حتى في زمن حسن البنا رحمه الله، ولكن ما يجري الآن في هذه الحركة مؤلم ومحزن، ترى وجوه مريبة وقرارت مريبة وصمت مريب في غير مكانه، وإزاء كل هذا عليك السكوت فمن أكبر منك أعرف منك!، لم تعد ترى ذاك الوهج الذي صار تاريخا بل ثمة رماد متناثر في كل مكان.

عندما كتبت عن ماسونية محمود شلتوت الأمام الأكبر، أول من حاز على هذا اللقب!، غضب مني من غضب، مع أني ما ذكرت ذلك دون تمحيص، لقد قابلت أربعة رؤساء لمحفل قوشامحل ٥١ الماسوني، والذي كان ينتمي اليه جمال الدين الأفغاني وأكدوا لي حضور شلتوت كضيف شرف على أحد مؤتمراتهم السنوية مما يدل على أن الأمام الأكبر يحمل درجة رفيعة في سلك الماسونية، كما أكد لي هذه الواقعة باحث شهير في هذا المجال، وعندما أقسم لي أحد الشيوخ الأفاضل وعضو برلمان سابق; نائب عن الأخوان في إحدى الدول العربية، بأن الأمام قد تاب قبل موته، أخذت هذا في الإعتبار ولم أأتي على سيرته بخير أو شر بعد ذلك، ومع ذلك لم تنسى لي، وصرت أنا المخطئ الذي لا يغفر خطأه.

وعندما كتبت عن عمرو خالد قبل أن تظهر مصائبه الجديدة، كنت أتوقع أن حركة الإخوان المسلمين ستتبرأ منه، ولم يحدث هذا مع أنه أضل ولا زال يضل الملايين من المسلمين والحركة تعرف هذا، وتعرف أنه معني بتنفيذ الإسلام الأمريكي الجديد، لكن ما ظهر أن وسائل الإعلام التابعة للإخوان المسلمين هي التي تبرأت مني، ولكم هو محزن أنه رغم هجومي الدائم على السلفيين الا أن وسائل إعلامهم كانت أكثر إنصافا لي، فعلى الأقل كانوا ينشرون لي ما هو في الصالح العام وما يوافق منهجهم.

قبل ما يقرب من شهرين أستغربت حين وجدت مقالا لي منشورا في موقع رسمي إخواني، وحين أطلعت عليه وجدته مغفل إسمي من تماما!.

وحين كنت أسأل هذه المنابر لماذا لم تنشروا لي، لا رد يأتي، اللهم سوى أحد المنابر ذكر بأن نشر مقالاتي سيؤدي الى حجب هذا المنبر المبارك!.

صحيفة السبيل كنت دوما أسعى للنشر فيها لأنها تصل لقطاع كبير من الناس، وهي تنشر للفرنجي والبرنجي، بل وتنشر للبعض من أجل مصالح شخصية أضيق من الضيقة، كتبت لهم ولا رد، وحين كتبت لهم بخصوص سرقة نصف مقال لي ووضعه ضمن خبر على صدر صفحتها الأولى وبإسم شخص آخر وأرسلت لهم بالدليل أكثر من مرة ولا رد ( السبيل: دعا إلى إسقاطه بحماسة أكثر من ذي قبل حق العودة يقض مضجع «سري نسيبة» : تاريخ النشر 19/08/2008، مقالي : هذا هو سري نسيبة .. فمن له؟ / دنيا الوطن تاريخ النشر :2008 -08-07)

وكتبت لرئيس تحريرها عاطف الجولاني ولا رد أيضا، فعل مقيت لا علاقة للإسلام به، تسرق وترفض النقاش في تلك السرقة، لكن ثمة كلمة حق في هذه الصحيفة والتي أشكرها من قلبي لأنها هي التي أيقظتني مما كنت فيه، كما أنها هي التي جعلتني أقيم الحجة على الإعلام الإسلامي ككل.

وحين كشفت عن ماسونية زياد أبو عمرو وتساءلت عن سر دعم حركة حماس له في الإنتخابات بعد تزكيته، غضب مني من غضب، مع أني والله يشهد لم أتهم الحركة بأنها كانت تعرف، ثم تبا لنا إن لم نقل ما لنا وعلينا، ولكن يبدو أنها سجلت على كنقطة سوداء، وقد أنتهى الأمر بمقاضاتي ومقاضاة صحيفة وطن من قبل صبيان هذا الزياد أمام المحاكم الأمريكية وحين أبرزت الصحيفة الوثائق التي اعتمدت عليها في المقال وفشلوا، حينها تقدموا بشكوى للأف. بي. آي من أنني أمتدحت أدولف هتلر في أحد مقالاتي قبل عدة سنوات، وأجبروا الصحيفة على حذف المقال من أرشيف الصحيفة، ولا أدري ما خص ووزير الخارجية الفلسطيني السابق زياد أبوعمر في أن أمتدح هتلر أو أذمه.

وعندما كتبت عن مريم نور، تجنبت كل وسائل الإعلام التابعة للإخوان المسلمين والمحسوبة عليهم نشره، لسبب أحمق وهو ورود إسم الإعلامي الإخواني أحمد منصور في المقال والذي أشهرها في العالم العربي حين قابلها لصالح الجزيرة، ويعلم الله أني كنت أحسن الظن بهذا الرجل وإلا ما كتبت اليه منبها له على خطورة ما فعل ومحاولة علاجه، ولم يرد ولم يعالج حتى يومنا هذا، أذكر وقتها أني قابلت المفكر الإسلامي الدكتور ظفر الإسلام خان وقلت له بأن أحمد منصور قابل إحدى تابعات أوشو لصالح الجزيرة، ووالله أنه ذهل وأخذ يضرب جبينه ويقول المسكين لا يعرف .. لا يعرف .. يا الله كيف حدث هذا!!، فهذا المفكر يعرف هذه الجماعة جيدا، ولكن لتلك الوسائل الإعلامية التي رفضت النشر، أود ان أقول أن مريم نور لا زالت تعمل ولا زالت خلاياها تزداد في العالم العربي، ولا زالت أموال المتبرعين تنهال عليها، ولا زالت ترسل أعراض المسلمين الى معابد أوشو جماعات .. جماعات .. ولتنتهك أعراضهن جماعيا وأعني جيدا ما أقول، ولا زلت حتى الآن أستلم رسائل من ضحايا مريم نور اللواتي أرسلتهن الى تلك المعابد، منهن من يتضرعن بالدعاء لي لأني أزحت ما تبقى عن عيونهن من غشاوة ومنهن ما يبدو لي وأنهن يخبئن تجارب مريرة ويلمنني لأني تأخرت، وكأني كنت أدري وتأخرت، الا سحقا لي أن هانت الأعراض عندي الى هذا الحد، لكن من تأخر وتستر وهان عليه عرضه وأعراض المسلمين، هم هؤلاء الذين ضربوا عرض الحائط بأعراض المسلمين كي يستروا مؤخرة "أهبل" فيهم، ولا نقول خبيثا، فهل أسامح بعد هذا، لا والله لن تنالوها.

لكن يظل الإمتحان الأكبر لهذا الإعلام البغيض، هو عندما كشفت عن قضية بنك فيصل الاسلامي; قضية تتعلق بفلسطين وشعبها ودمهم ودموعهم، تتعلق بقدسهم بمدنهم وقراهم ونكبتهم وتهجيرهم، تتعلق بتبرعات الشعوب العربية من عام ١٩٤٧ وحتى عام ١٩٥٠ والتي سرقت ونهبت لتصبح بنكا، ومع ذلك تسترت وسائل الإعلام هذه على هذه الفضيحة، فأي خير ينتظر منها للأمة بعد ذلك..

كتبت لوسائل الإعلام التابعة لحماس، من أجل نشره ولم تنشر، لصحيفة فلسطين في غزة، لم تنشر، لموقع الجهاد الإسلامي في فلسطين، لم ينشر، ولصحيفة السبيل ونوقش الأمر من أن ينشر من عدمه، ولم ينشر، في حين رفضت منابر عربية عديدة أن تتستر على هكذا فضيحة، رغم أنها ما ادعت يوما أنها حامية حمى المسلمين.

لقد أنتظرت وقتا طويلا انتظر، فيما لو طلب أي من هذه المنابر توضيحا ما أو توثيقا أو حتى مجرد تخوف من مقاضاة من قبل من تم
تخوينهم في المقال، الا أن هذا لم يحدث ليظل التستر على الخيانة هو العنوان الرئيسي لهذه المنابر.

يقينا لم أرى أخطر من هؤلاء على الأمة، فما الذي دمر الأمة سوى تضليلها، وكيف إذا جاء هذا التضليل ممن يدعون بأنهم على نهج الإسلام وأنهم هم وحدهم الساعون لخير وصلاح الأمة، لقد أنتقمت صحيفة واشنطن بوست شر إنتقام من مدير المخابرات الأمريكية وليام كيسي آنذاك، لأنه ضللها في مجموعة أخبار ضد المسلمين، تم تسريبها للصحيفة، ومع أنها في صالحهم العام الا أنهم لم يصفحوا عنه حتى مات، وكم مبلغ حزني أن أقارن هذه الصحيفة بوسائل الإعلام الإسلامية هذه.

ومع أني لم أأخذ أجرا على ما أكتب وما أردت جزاء ولا شكورا، ومع أن هناك من طلب مني العمل معه مقابل أجر، شرط أن اكتب لهم وحدهم الا أني رفضت كي تصل كلمتي لأكبر قدر من الناس، والله وحده يعلم بما ضحيت في سبيل أن أكشف للأمة ما غم عليها قدر إستطاعتي، الا أن هناك من لا يريد، والله المستعان.

بنك فيصل الإسلامي هو بنك الدم الفلسطيني

بنك فيصل الإسلامي هو بنك الدم الفلسطيني

الثلاثاء, 17 مايو 2011 11:37


محمد الوليدي

ما أكثر القضايا وأخطرها تلك التي يجب على مصر الحرة فتحها الآن، والتحقيق فيها، فثمة مظالم لا تسقط بالتقادم، وثمة مظالم تتعلق بجريمة لم تنتهي بعد، ولم تجف الدماء عنها ولا الدموع، وتتعلق بشعب بأكمله، تتعلق بجراح الشعب الفلسطيني التي ما التأمت وتتعلق بدمه الذي لا زال يسيل، تتعلق بحقوقه التي أهدرت ولا زالت تهدر.

أنني أتحدث عن قضية خطيرة جدا، كان من العبث أن تعرض على محاكم نظام السادات أو محاكم نظام مبارك، حتى جمال عبد الناصر لم يفعل أكثر من فصل صاحب هذه القضية من منصبه وطرده من مصر، ألا وهو عبد الرحمن عزام; أول أمين عام لجامعة الدول العربية، بل أعترف جمال عبد الناصر في حديث غاضب مع عبد الخالق حسونة بأنه على علم بفضائح سابقه في أمانة الجامعة.

لا أبالغ لو قلت بأننا أمام أحد أكبر من أجرموا في حق فلسطين وشعب فلسطين في التاريخ العربي كله، وقد يكون أولهم في هذا العصر، بل أنني لم أتردد لحظة في وضعه رقم "واحد" في لائحة العار في سلسلة: هؤلاء أضاعوا فلسطين.

لست هنا لأسجل تاريخه، فلتاريخه مكان آخر، لكني سأكتفي بهذه "المرافعة" أمام ضمائر الأحرار في مصر وفي كل مكان يتم فيه المتاجرة بثمن الدم الفلسطيني دون خجل.

صاحب هذه القضية ينتمي لعرب العزازمة، وهم من البدو الرحل، قبيلة تتنقل ما بين النقب وسيناء والصحراء الليبية وتعود أصولها للجزيرة العربية حيث رافقت جيوش الفتوحات الإسلامية من أجل الغنائم، حيث أنتهى بهم المطاف حيث هم الآن، يدّعي عبد الرحمن عزام أنهم ينتمون للرسول صلى الله عليه وسلم، لكن هذا لم يثبت في نسبهم، وما ثبت أنهم ينتمون الى عزام بن كلب.

وأسرة عبد الرحمن عزام أستقرت في مصر قبل ما يقرب من ثلاثمائة عام.
قبل فترة هدد فرع من قبيلة العزازمة الحكومة المصرية باللجوء للكيان الصهيوني إن لم تحل لهم مشكلة المياه، فتم حلها.

في عام ١٨٩٣م ولد عبد الرحمن عزام في بيت "متعاون" مع بريطانيا عندما كانت تحتل مصر الا وهو والده حسن، وللصلة التي بين والده والأنجليز وبالأخص مع "مستر أنطوني" تم إرسال الصبي عبد الرحمن عزام لبريطانيا بدعوى دراسة الطب، وبعد أقل من عام - كان شديد الذكاء ونبيها - أرسلته بريطانيا الى الدولة العثمانية التي كانت تستعد لإرسال جيوشها الى البلقان وأرسل تحت مهنة "مراسل صحفي"!.

ثم أرسل الى ليبيا حيث أشعل الفتن حول البطل الشهيد عمر المختار والسنوسي، وقد شهد عليه بعض الليبيين أنه كان دائم الإتصال بالإنجليزفي كل ما يطرحه من قضايا مع الليبيين، بل غادر آنذاك الى أيطاليا وألتقى برئيس وزرائها، وترك إبن أخته سالم عزام (خال أيمن الظواهري) كمندوب دائم له في روما، ووصل به ان يكذب على البطل عمرالمختار حين استدعاه الى مصر بحجة أنه جمع له سلاحا وأنه لن يسلمه إلا له شخصيا، وعندما وصل القائد عمرالمختار مصر، حاصره عبد الرحمن عزام لأكثرمن أسبوع طالبا منه إلقاء السلاح مدعيا له بأنه كذب عليه في قضية السلاح رأفة بشيخوخته وأنه يريد له أن يعيش ما تبقى من حياته في مصر، فرد عليه عمر المختار بأن الأعمار بيد الله وأنه إن كان هناك بقية من عمر فأنه يفضل ان يمضيها في الجهاد، ولم يستطع المغادرة الا حين اتصل هذا البطل بوجهاء في مصر ليغادر دون سلاح.

أنضم عزام لحزب الوفد لكنه طرد منه عام ١٩٣٢ بتهمة الخيانة لينضم الى بطانة الملك فاروق والذي منحه لقب باشا عام ١٩٤٥.

أينما ذهب عبد الرحمن عزام كان يؤدي مهمته على أكمل وجه لما يتمتع به من ذكاء ودهاء و"تدريب" منذ الصغر، حتى أن بريطانيا عندما قررت إنشاء جامعة الدول العربية من أجل تصفية قضية فلسطين عبر وزير خارجيتها أنطوني أيدن، لم تجد سواه القادر على تنفيذ هذه المهمة، فعمل سويا مع ضابط الإستخبارات البريطاني كلايتون في وضع دستورها وإنشائها ومن ثم الخطط التي سارت عليها والقرارات التي تم إتخاذها ونفذت بكل دقة في قضية فلسطين، وأستطاع عزام أن يحقق لبريطانيا وأمريكيا والحركة الصهيونية ما لم يحلموا به، حتى أن المخابرات الأمريكية مدحته مديحا إستثنائيا في تقرير رفعته للرئيس الأمريكي آنذاك هاري ترومان، لكن هذه المخابرات نصحت في نفس الوقت بتحويلها الى مؤسسة ثقافية بعد أن أدت مهمتها وأنكشف دورها!.
ومع ذلك يقول التاريخ العربي عن هذا العزام: جاهد في فلسطين وليبيا والبلقان، وسموه بجيفارا العرب!.. يا أمة ...

أعترف بأني جنحت للتاريخ الذي وعدت أن أكون في حل منه، لكنها الضرورة التي لا بد منها.

في عام ١٩٤٧ وعندما تم إتخاذ قرار تقسيم فلسطين، هاجت الشعوب العربية وتبرعت بالغالي والنفيس من أجل إنقاذ فلسطين، وكل هذه التبرعات كانت تسلم لجامعة الدول العربية وبالذات لأمينها العام عبد الرحمن عزام، ولم تصل هذه التبرعات للشعب الفلسطيني قط.

وعندما أشتد الخطر على فلسطين وبدأت العصابات الصهيونية بالهجوم على المدن والقرى الفلسطينية وبالمقابل أزدادت حركات المقاومة بالتصدي رغم قلة الحيلة ورغم الحالة التي وضعت بريطانيا الشعب الفلسطيني فيها من تجريده السلاح إستعدادا لتلك المرحلة، مما أضطر الشعب الفلسطيني لتوجيه النداء تلو النداء من أجل المساعدة بالمال والسلاح، فهبت الشعوب العربية وتبرعت بالغالي والنفيس أيضا وعبر جامعة الدول العربية، ولم يصل شيئا للشعب الفلسطيني، حتى أن القائد البطل عبد القادر الحسيني عندما نفذ منه السلاح، ذهب الى دمشق
لمقابلة عبد الرحمن عزام حيث كان هناك وقتها، فطلب منه المساعدة لكن عزام رفض بحجة أنه لا يوجد شيئا، حينها طلب منه الأمانات التي سلمت لعبد الرحمن عزام وأشترط المتبرع وهو رجل أعمال من لبنان أن تسلم الأموال والسلاح يدا بيد لعبد القادر الحسيني أو رفيقه حسن سلامه، وكان عبد القادر الحسيني على علم بهذا التبرع وهو ربع مليون جنيه وأسلحه، ومع ذلك أنكر عزام الأمانة وخانها، وعندما حدثت المواجهة الشهيرة بين أعضاء اللجنة السياسية والبطل عبد القادر الحسيني وهدد بفضحهم على الملأ، أستنجدوا بعزام والذي طلب من الحسيني "الستر" مقابل إعطاءه أربعين ألف جنيه من ذاك التبرع فرفض هذا البطل هذا العرض بإباء، وغادر خالي الوفاض، وهذا ما حمله عندما وصل فلسطين ووجد أن الصهاينة قد أحتلوا القسطل مرة أخرى في غيابه بعد أن سبق وأن حررها، حيث وجه حكمه التاريخي والأخير على عزام وجامعته والذي لا أحد يستطيع نقضه أو الطعن فيه: "السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية إني أحملكم المسؤولية بعد أن تركتم جنودي في أوج انتصاراتهم بدون عون أو سلاح . عبد القادر الحسيني " .

بعد يومين من إصدار هذا الحكم أستشهد هذا البطل بعد أن حرر القسطل مرة أخرى، وبعد إستشهاده بيومين أستشهدت قرية فلسطينية تدعى دير ياسين، وضجت الشعوب العربية لهذين الحدثين، فتبرعوا بكل ما أستطاعوا عليه حتى أن النساء كن يتبرعن بمصاغهن كاملا، وكله عن طريق جامعة الدول العربية، ولم يصل شيئا للشعب الفلسطيني أيضا.
إذن أين ذهبت هذه التبرعات؟

في المقابل أرسلت جامعة الدول العربية جيشا سمته بجيش الإنقاذ، شهد عليه كل الشرفاء الذين شاركوا في ميداين الجهاد في فلسطين بأنه كان من أجل تحطيم الشعب الفلسطيني وشبابه المناضل، وقد كُشف فيما بعد عن إتصالات ما بين قائد هذا الجيش فوزي القاوقجي وقادة العصابات الصهيونية، كانوا يتحدثون فيها عن قوات الجهاد المقدس الفلسطينية على أنها عدو مشترك لهما!.

وقد ورد في وثيقة سرية بريطانية خطيرة جدا أن عزام يرى في أن هذا الجيش علية مساعدة العصابات الصهيونية في إحتلال فلسطين كلها (تخيلوا هذا في عام ١٩٤٨) حتى لا يسيطر الملك عبد الله ملك شرق الأردن على شبر منها. PRO-FO371/68861 .

وعندما نهب الصهاينة ممتلكات الشعب الفلسطيني وأستباحوا حقوقهم، ردت بعض العرب وبعد فوات الأوان بالمثل كما جرى في العراق، حينها أنتفض عبد الرحمن عزام، وقال:" أن الدول العربية لا يمكن أن تنزل إلى مستوى اليهود وأن للقتال آدابا في الشريعة الإسلامية! وذلك ليس من هذه الآداب" تماما كما فعل في ليبيا حين كان الأيطاليون يحرقون مهج الليبيين وكل ما يمتلكوه، لم يكن هم عزام سوى طلب حماية ممتلكات الأيطاليين في ليبيا، متناسيا الآية الكريمة " .. والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ..." .

وعندما أدت جامعة الدول العربية مهمتها بنجاح حيث أحتلت فلسطين وتشرد شعبها، وظهرت كل صور البؤس والمرارة والبشاعة على وجوه هذا الشعب الذي واجه أعتى قوى العالم ومن كل جانب منذ عام ١٩١٧ وما كلت عزيمته حتى تكالب عليه الصديق قبل العدو، وها هو يهيم على وجهه لا يدري أين يمضي، فمن لم يخسر عزيزا عليه خسر ماله، ومن لم يخسر ماله خسر بيته وأجمل وطن "فلسطين" وفوق كل هذا طعنة الأخ التي جاءت من الظهر.

وحين شاهد العالم العربي ما جرى ما قصر أيضا فتبرع وعن طريق الجامعة العربية أيضا، وليس العرب وحدهم من تبرعوا، فبعد النداء الذي وجهه الكونت برنادوت; وسيط الأمم المتحدة، تبرعت العديد من شعوب العالم لجامعة الدول العربية وللجنة الدولية التي شكلتها الأمم المتحدة والتي رصدت ٥٤ مليون دولار حيث أشترت ببعضها الأراضي التي أقيمت عليها المخيمات كما وقدمت منها رشاوى لبعض المسؤولين العرب ثم قامت على أمور اللاجئين فيما بعد منظمة الأونوروا، مع أن هذه المنظمات تعمل لصالح الصهاينة أولا وأخيرا، ولم يدفع عزام مليما واحدا على قضية اللاجئين رغم التبرعات الهائلة التي أستلمها.
واسأل للمرة الألف: أين ذهبت هذه التبرعات؟

بعد وفاة جمال عبد الناصر بعامين تقريبا ظهرت ثمة أموال تقدر بثلاث مليارات دولار ونصف المليار حسبما ذكر، وبدأت تعمل في السوق المصرية، ومن الصعب معرفة الأموال الأخرى لنفس صاحب هذه الأموال في أسواق عربية أخرى، ولم يكن صاحب هذه الأموال سوى عبد الرحمن عزام الأمين السابق لجامعة الدول العربية.

في عام ١٩٧٩ وبعد وفاة عبد الرحمن عزام بعامين ونصف بدأت هذه الأموال تبدأ تعمل بطريقة رسمية من خلال بنك تحت إسم: بنك فيصل الإسلامي! وظهر له أول مجلس إدارة وهم ورثة عبد الرحمن عزام : عمر عبد الرحمن عزام، عصام عبد الرحمن عزام، منى عبد الرحمن عزام وزوجها الأمير محمد الفيصل.

عمر عبد الرحمن عزام، كان موظفا عاديا في أحد مكاتب الأمم المتحدة، وعصام أيضا كان موظفا عاديا في شركة تكساسكو، ومنى لا نعلم عن طبيعة عملها،إبنها البكر وهو عمرو الفيصل أحد كبار نشطاء بنك فيصل الإسلامي وعضو في مجلس إدارته في الآونة الأخيرة، كما ويدير عدة مؤسسات مالية منبثقة عن بنك فيصل الإسلامي منها بنك الإثمار ورئيس مجلس إدارة جمعية "منتجة" وشركة التأمين الإسلامية المحدودة ودار المال الإسلامي قبل ست سنوات أحدث صدمة لدى طلاب جامعة الملك عبد العزيز بجدة، حين قال:"ليس ضروريا أن تخترعوا العجلة من جديد.. اسرقوها"!.

وحتى مجموعة شركات الصفا في السعودية والتي يمتلكها عبد الرحمن عزام، حالها كحال بنك فيصل من حيث الريبة في أصولها، وقد بدأ عملها في منتصف الخمسينات من القرن الماضي.

ما أود قوله بإختصار أن ورثة عزام لا يمكن أن يصنعوا ثروة بحجم ثروة بنك فيصل الإسلامي وحتى لو كان الأمير فيصل معهم، خاصة إذا ما نظرنا الى المؤسسات التي تنطوي تحته في الفترة الحالية : هيئة الأوقاف المصرية ومصرف البحرين الشامل ودار المال الإسلامي ودار المال الإسلامي للخدمات الإدارية المحدودة ومصرف فيصل للاستثمار- البحرين، ومصرف فيصل الإسلامي- جيرسي والشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي- الشارقة، والشركة الخليجية للإستثمارات المالية والشركة المصرية للإستثمارات و بنك فيصل الإسلامي السوداني.

كتبت للجنة القانونية في بنك فيصل الإسلامي عدة مرات أسألها عن طبيعة عمل البنك ورأس ماله ومن هم الشركاء فيه إن كان لعبد الرحمن شركاء فيه قبل إفتتاحه رسميا في بداية السبعينات، ولم أتلق أي جواب.

إذن الشعب الفلسطيني لم يبع أرضه ولم يتآمر على قضيته، وما كان ليهزم لو لم تتوالى الطعنات التي أتت من ظهره أكثر من أمامه، ولو لم ينشلوا سلاحه من يده ويسلموه لعدوه، لو لم يسرقوا لقمة عيشه وهو يفترش الأرض ويلتحف السماء، لو لم يبيعوا مآذن القدس وهي لا زالت تؤذن .. القدس الغير إستراتيجية حسب لجنة عزام السياسية، القدس التي طالب عزام بتجريدها من السلاح قبل أن يحتلها الصهاينة، وحتما لم يكن هذا دون ثمن وها خونة العرب لا زالت تتاجر بثمن وجراح ودماء ودموع الشعب الفلسطيني وحسب الشريعة الإسلامية أيضا، لا سامحكم المولى عز وجل..