Saturday, August 7, 2010

قضاء سعودي منحط .. قضية خالد الراشد نموذجاً

قضاء سعودي منحط .. قضية خالد الراشد نموذجاً

محمد الوليدي


أي قضاء هذا ؟ وأي إنحطاط ذاك الذي بلغه ؟ والمأساة أنه القضاء الوحيد تقريبا الذي يدعي أهله زورا وبهتانا أنه نابع من الشريعة الإسلامية ، وكأنهم يريدون إعطاء صورة متخلفة ووضيعة لغير المسلمين عن القضاء الإسلامي.
أحد الأمثلة على إنحطاط القضاء السعودي ، وسنطرح المزيد منها ، هي قضية الشيخ خالد الراشد ، داعية نال شهرة واسعة في العالم الإسلامي بعد محاضرة مؤثرة له عن رحلته للمناطق التي ضربتها فيضانات تسونامي ، وعندما ظهرت الرسوم المشينة للرسول صلى الله عليه وسلم ،تحرك غيرة وطالب بطرد سفيري هولندا والدنمارك ، والإعتصام أمام إمارة الرياض ، ومع أنه لم يسبق لهذا الداعية وأن أصطدم مع النظام السعودي ، إلا أن ذلك لم يغفر له فأقتيد وسجن لأكثر من عامين ونصف حتى حكم عليه مؤخرا بالسجن خمس سنوات لكن نقاشا حادا ما بينه وبين القاضي ، أدى إلى أن يرفع القاضي الحكم الى ثلاثة أضعاف المدة، لكن نتيجة الغضب الشعبي لهذه المسخرة القضائية حدث تراجع كما يبدو عن هذا الحكم ، وربما أن النظام السعودي أكتشف بأن القاضي بهذا الحكم أهان النظام ،لأنه أعتبر بأن كرامته أرفع من كرامة النظام بضعفين ، مع أن القضية برمتها أثبتت بأنه لا كرامة لدى النظام السعودي ولا لدى القاضي ، فهل هذه المسخرة قضاء إسلاميا؟
وقبل فترة أعدم صبي كان لتوه قد بلغ سن الرشد ، والقضية أن هذا الصبي قد تعرض في طفولته للإغتصاب والتحرش الدائم به من مجرم أستضعفه لطفولته ويتمه ، وتقدم الطفل بشكاوى عديدة لمركز الشرطة في منطقته دون أن يجد منهم نصيرا في محنته ، وحينها أعد العدة لقتل المتحرش به وتمكن منه وقتله ، وأعتقل أثر ذلك وأنتظره قضاء الغاصبين حتى بلغ سن الرشد وتم أعدامه ، بالطبع دون النظر في دلائل أن الدولة عجزت عن حمايته ، وأنه قام بالقتل وهو قاصر ، مع أن هناك العديد من الإعدامات التي حكم فيها القضاء السعودي أرتكبت في حق أطفال ، كأحمد الدوقني ، عمره أربعة عشر عاما والذي أعدم في الدمام ، وطفل مصري أيضا في حدود هذه السن أعدم في الخبر ، فهل هذه المسخرة قضاء إسلاميا؟
وقبل ما يقرب من ثماني سنوات تم تنفيذ حكم الأعدام من قبل القضاء السعودي بحق عامل مسلم آسيوي في قضية مخدرات ، إلا أنه ليقين أسرة الضحية ببرائة معيلها ، طالبت دولتها بالتحقيق في هذه القضية من طرفها ، وقدمت ما يكفي لإقناع السلطات من إستحالة تورط الضحية في أمور كهذه ، وفعلا باشرت الدولة بإعادة التحقيق والذي أستمر لثلاث سنوات لتكتشف أن هناك عصابة خطيرة تخدع ضحاياها بحجة مساعدتهم بتأشيرات عمل للسعودية، ثم تطلب منهم إيصال حقائب فيها أمانات لأشخاص في داخل السعودية ، وتكون أطراف هذه الحقائب محشوة بالمخدرات دون علم الضحية ، المخزي أن الصحافة نشرت عن كيفية تحقيق القاضي السعودي مع الضحية وأصدارة الحكم ؛ حيث سأل القاضي الضحية : هل أغلقت الحقيبة بيدك ؟ وعندما أجاب بنعم ، حكم عليه بالإعدام ، وما أكثر الذين حكم عليهم القضاء السعودي بهذه الطريقة.
وعندما أحرق سجن الحائر وذهبت أرواح العشرات فيه غدرا ، أرتبك النظام السعودي ، حيث دارت الشبهات حوله ، فالضحايا من العائدين من الجهاد في أفغانستان ، وأخبار مروعة سبق وأن بدأت تخرج للعلن عن أشكال وألوان من التعذيب والتنكيل التي أرتكبت بحقهم ، لذا أمر التخلص منهم أسهل بكثير عند هكذا نظام من كشف المزيد من فضائح التعذيب في حالة الإفراج عنهم ، لذا وفي محاولة لإبعاد الشكوك عنهم قاموا بتشكيل لجنة ، سرعان ما أنكشف أمرها عندما حاولت أن تجعل الحريق نتج عن تماس كهربائي ، لكن الشركة الفرنسية التي بنت السجن فضحت النظام حين ذكرت بأنه من المستحيل حدوث ذلك ، لأن النظام الكهربائي المستخدم في السجن مصمم بطريقة لا يمكن حدوث تماس كهربائي فيها ، مما أضطر النظام السعودي ولجنتة التفتيش عن أعذار أخرى وشخوص آخرين لتحميلهم المسؤولية ، وهذا ما حدث ، وما أعجب أن تثور شركة فرنسية من أجل سمعتها في حين يصمت شعب الجزيرة على أرواح كوكبة من أبنائه ، ذهبت حرقا.
هذه القضايا ليست إلا أمثلة من عشرات ألوف القضايا ، التي لا يعلم إلا الله عز وجل كم بلغ فيها الظلم ، وكم من الضحايا إعدموا ظلما ولطالما سمعنا عنها الكثير ، ناهيك إن كثيرا منها ما يتم فيها إلصاق الجرم بأحد عوام الناس لإنقاذ سمعة أمير أو متنفذ في الدولة ومنها ما يتم بمعرفة القاضي.
وفي حين يضع الرسول صلى الله عليهم سمو عدالة الإسلام في قسمه : (... لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها ) ،يخرج علينا آل سعود الذين يدعون تطبيق الشرع الإسلامي في قضائهم ، بقول ورد على لسان كبار أمرائهم ؛ سلطان بن عبد العزيز وسلمان بن عبد العزيز " حنا آل سعود ما ننحد " وهذا ما نراه واقعا ،لا قضاء عليهم فعلا ، وكأنهم من هؤلاء : الطفل حتى يكبر و المجنون حتى يعقل والنائم حتى يستيقظ ...
فكم من الجرائم التي أرتكبت على أيدي أمراء من آل سعود دون ينبس القضاء السعودي ببنت شفة عنهم ، صفقة اليمامة ،إحدى أكبر سرقات التاريخ ، تدخل فيها القضاء الأمريكي والبريطاني والسويسري ، إلا القضاء السعودي بالرغم من أن لصوصها من أمراء آل سعود ، والضحية فيها شعب الجزيرة الذي يتحكمون فيه.
المأساة في أنه حتى حين يحتاج أمراء من آل سعود قضاء الدولة للتصرف بخصوص قضايا تتعلق بأمراء آخرين ، فتجد القضاء السعودي يهرب مولولا .. رفض عدة قضاة طلبا للأمير محمد بن عبد العزيز (عميد الأسرة آنذاك ) بالتخلص من حفيدته وعشيقها ، مما أضطره القيام بذلك شخصيا ، وهي القضية الشهيرة التي فضحتها وسائل الإعلام الغربية على نطاق واسع ، ونتج عن ذلك العودة للقضاء السري التي تتبعه الأسرة في حل مشاكلها.
فقط بعد شهرين من هذه الفضيحة جاء أحد الأمراء للملك خالد وقال له إنه عنده نفس المصيبة ، فأخذ يصرخ الملك قائلا له بما معناه : ألا يكفينا ما حدث ، تصرف دون فضائح . وتصرف الأمير ، وكانت النتيجة : أن أميرة سعودية توفيت غرقا في مسبحها.
وقبل أقل من شهر قتلت أميرة سعودية تدعى لمى بنت فيصل ، وذكر أنها قتلت عندما أنطلقت رصاصة من سلاحها أثناء تنظيفها له ، وكأنها في ساحة معركة ، وكانت من الأميرات المستذكرات .
تبقى قصة أمير آخر وهو ثامر بن عبد العزيز أحد أخوة الملك الحالي ،والذي قتل بطريقة غامضة في أمريكيا ،لا يستبعد أن للأسرة يدا في مقتله ، خاصة وإن هناك نية كانت لدى هذا الأمير بتحويل نفسه من ذكر لأنثى.. قيل الكثير في قضية مقتله أو حتى حرقه.
فليكن القضاء السعودي كيفما يكون ، لكن لا يمكن أن نربطه بأي رابط بالشريعة الإسلامية ، ولا حتى القانون المدني الوضعي ، ولا حتى التقاليد والأعراف البدوية ، قضاء بشع ، منحط ، لا يختلف عن أسلوبهم في الحكم ، وما قضاتهم إلا صورة عنهم ، فلو كانوا يحكمون بما أنزل الله لوجب عليهم قبل أن يُسأل الشيخ خالد الراشد عما قال ، أن تُحال جل أسرة آل سعود إلى ميادين القصاص لما أرتكبوه من جرائم في حق شعب الجزيرة والعالم الإسلامي .

No comments: