من الهندي الأحمر الى شيخة قبيلته
محمد الوليدي
يا شيخة القبيلة
إني تعبت وأرقني المنام
إني رأيت خلف هذه البلاد بلاد
فأسمعيني جيداً
فهذه الأرض للغزاة البيض
فآذني بالرحيل
فالأرض لمن يغتصبها
لمن يمتلكها بالنار والحديد
وليس لنا هنا مقام
أيقظي صغيرنا ولنمضي
وأتركي بعض الزاد
فإن جاع البيض كيف سيأكلون
البيض أضيافنا وأسلافنا
ونعم الوارثين
أما نحن فلنا رب العباد
خذي ما خف حمله
كي نعتذر لجيل يأتي بقلة العتاد
ولا تسيري عبر الطريق
فالطرقات لهم إن فتشوا عنا
فما أصعب الشوكة في رجل الغريب
ولا تلتفتي نحو الخلف
فخلفنا دم وخلف الدم حريق
وخلف الحريق أشرعة الزائرين
خبئي وجه الصغير في صدرك
أخاف أن يبكي
فتجرح دمعته ضمير الفاتحين
فتضيع لذة القتل في عيون القاتلين
ولا تقفي فليس لنا
سوى مكان الخطوة
حين نكون مسرعين
يا شيخة القبيلة
أتركي الخيول لهم
إذا أرادوا أن يتبعونا
ولهم السهام أيضاً
إذا أرادوا أن يصطادونا
ورمح جدك لمن تحمليه
كي يقولوا بأنا نعتدي
على راحة الضيف ،فأتركيه
ولمن تحملين هذا الصولجان
وهذا الطبل وريش النعام
كيف سيعرفون بأنا ماضون
في طريق السلام
وإنّا تنازلنا لهم حتى عن الغمام
يا شيخة القبيلة
لا تنظري نحو الشمس
ولا القمر ولا النجوم
حذاري أن تسترقي نظرة
نحو السماء
فيحرمونا حتى الهواء
فكلها لهم في معاهدة الصلح الأخيرة
وخبئي جديلتك أو دعيني أقطعها
أخاف أن تلمع في عيونهم
فأتنازل عند شهوة الجلاد
فالبند الأخير بيننا أن أظل
طول العمر على الحياد
يا شيخة القبيلة
خلف هذه التلة شيخ الفرار
يزحف بلا قدمين
أدي له التحية فهذا الولي والمعلم
ذبحوا قبيلته فرداً فرداً
ولم ترمش له عين
وظل على الحياد
ذبحوا صغاره وأم الصغار
ولم تدمع له عين
عض صغيره يد الجلاد
فأعطاهم صك الإعتذار
على صفيحة من ذهب
وظل على الحياد
قطعوا قدميه
قال : لا أعرفهما
ولم تمشيا بي قط
وظل على الحياد
منذ عام وهو يزحف
يقتات أعشاب الأرض
ويلقن العابرين سلام الشجعان
قال: هذه ليست نهاية النهايات
و"الحياة مفاوضات"!
أطيلي قليلا حين تؤدي التحية
ودعيه ينفخ ببوقه
في أذن الصغير
ويلقنه حروف الهدنة الأبدية
وكيف يذعن لسطوة الجلاد
هو الذي قال يوما:
الأرض أمنا حين تضمنا
وحين نمشي عليها تصير غمنا.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment