الجمعة, 08 يوليو 2011 13:22
محمد الوليدي
عندما بدأ الشعب المغربي بالتحرك إسوة بالعرب الثائرين، تذكر ملك المغرب محمد الخامس بأن دستوره يحتاج ترميم وإصلاح والذي قام به للضحك على ذقون الشعب المغربي المنتفض، ورأينا كيف باركت بعض دول أوروبا هذا الإصلاح!.
بالأحرى أمريكيا والدول الغربية والكيان الصهيوني الوصي على هذا الملك الشاب; هم من أجروا هذا الإصلاح وأعلنوه على لسانه، فهذا الملك المغربي بالذات لا خلق له بالسياسة وأهلها ولا يريد الملوكية، ضائع أختار اللذة والمجون على هكذا منصب، وكان على هذا الموقف حتى في أثناء حياة والده مما أحدث العديد من الخلافات بينهما فوالده كان يطمح أن يكون خليفته على العرش المغربي، وعندما توفي والده دُفع للعرش دفعا وظل حتى يومنا هذا أشبه بملك صوري بكل ما تعنيه هذه الكلمة، ولعله يقول الآن لشعبه في زمن الثورات هذا " جت منكم" ولكن ليس سهلا عليه هذا، فلا أمريكيا ولا الغرب ولا الكيان الصهيوني يتخيل كيف سيكون المغرب دون أسرة الحكم هذه التي قدمت لهم ما لم تقدمه أسرة حكم عربية في تاريخهم كله على الإطلاق.
فمن هم هؤلاء؟ بإختصار شديد هم من بقايا تلاميذ اليهودي عبد الله بن سبأ، أعلنوا أغبى ثورة في التاريخ على الخلافة العباسية وهي في أوج قوتها، وشقوا عصا الطاعة على الخليفة وعينوا من بينهم خليفة في مكة المكرمة، مما حدا بالدولة العباسية محاربتهم في موقعة فخ قرب مكة المكرمة وأبادتهم وهرب من تبقى حيا منهم الى المغرب حيث بدأوا بنشر دعوتهم بين غير العرب في البداية، حيث أستطاعوا تأسيس قاعدة لهم هناك عبر الترغيب والترهيب والإغتيالات والإعتماد على أعداء المسلمين كالبرتغاليين والأسبان وفيما بعد الفرنسيين وطبعا أمريكيا والكيان الصهيوني في الوقت الحالي، لقد كانت هذه الأسرة أشبه ما تكون كهدية نزلت على أوروبا من السماء بعد ما ذاقوه على يد أهل المغرب خاصة بعد فتح الأندلس ومن ثم تهديد معظم دول الغرب حيث كانت جل هذه الجيوش التي أرعبت أوروبا من المغرب العربي، ولكن أستطاع حكام المغرب من هذه الأسرة السيطرة على الشعب المغربي قدر الإستطاع وأدوا جميلا للغرب لا يثمن بثمن.
أما في هذا العصر فرأينا منهم كل ما لا يتخيله المرء من طوام وكوارث، فقد تعانوا حكام المغرب مع الوكالة اليهودية ومن ثم حكومة الكيان الصهيوني منذ عام ١٩٤٨ وحتى وقت قريب في تهجير يهود المغرب الى فلسطين، وعلى رأسهم الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني، من أكثر من ربع مليون يهودي مغربي كانوا قبل عام ١٩٤٨ في المغرب، لم يبقى منهم الآن سوى ثلاثة آلاف يهودي، وقد وصل بأن يفتخر الملك الحسن الثاني بأن هؤلاء اليهود المغاربة هم حزبه داخل الكيان الصهيوني. في عام ٢٠٠٧ تقدمت الحكومة المغربية للكيان الصهيوني بطلب سري طلبت فيه أن يوضع إسم الملك محمد الخامس من ضمن لائحة المكرمين بأرفع وسام يهودي وهو الوسام الذي يمنحه اليهود لغير اليهود الذين أنقذوا يهودا من مذابح النازيين وجازفوا بحياتهم في سبيل ذلك، ولم ينكر الصهاينة في ردهم على الحكومة المغربية أن الملك محمد الخامس قد ساعد اليهود في تلك الفترة لكنهم غير متأكدين من أنه قد جازف بحياته في سبيل ذلك!.
عندما جض الشعب المغربي من خيانات الملك محمد الخامس، سارع النائب العام الفرنسي في المغرب بصناعة بطل منه وقام بنفيه لمدة عام ونصف خارج المغرب عام ١٩٥٤ وذلك خوفا من إنفجار الشعب المغربي وحصول ما لم يحمد عقباه لفرنسا والتي كان جيشها مشغولا في عدة جبهات آنذاك، وحتى الحكومة الفرنسية عارضت فكرة نائبها العام الفرنسي في المغرب وقامت بفصله من منصبه ووضع بديل عنه بسبب هذا النفي لحاجتهم الضرورية للملك في ذلك الوقت، فأعيد وبإصرار أيضا من الكيان الصهيوني والذي تضرر هو الآخر بسبب هذا النفي.
فلم يعرف التاريخ العربي الحديث إجراما بشعا وهمجيا كالإجرام الذي أرتكبه الملك المغربي السفاح محمد الخامس وولي عهده الحسن الثاني ومحمد أوفقير في طريقة تعاملهم مع ثورة الريف في عام ١٩٥٨ و١٩٥٩، حين ثار أهل الريف على الظلم والفقر وتهميشهم من قبل الحكومة المغربية، فقد أرسل الملك محمد الخامس إبنه وولي عهده الحسن الثاني وأوفقير ومجموعة من الضباط الفرنسيين على رأس ما يقرب من ثمانية وعشرين ألف جندي مغربي، أرتكبوا من الجرائم ما لا يمكن تصوره، فقد أستخدموا الأسلحة المحرمة دوليا والغازات السامة في حرب إبادتهم للريف، وكان الحسن الثاني يشارك بإطلاق النار من مدفع رشاش على متن طائرة هليكوبتر رفقة أوفقير، قتلوا أكثر من ثمانية آلاف من أبناء الريف، دفن أكثرهم في مقابر جماعية، وكان الجيش يغتصب النساء ومن ثم يبقرون بطونهن حتى الأطفال الرضع تم قتلهم بدم بارد، بل أن بعض الأطفال كانوا يقتلون عبر دوسهم بحوافر الخيول، وكان أوفقير يضع القنابل في ثياب أهل الريف ثم يطلب منهم أن يتسابقوا لتنفجر بهم بعد عدة أمتار، بل وصل بأوفقير أن يقوم بذبح أبناء الريف كما تذبح الخراف تحت أقدام الحسن الثاني، كما وضعوا الألوف على طائرات ومن ثم قذفهم منها وهم أحياء، سميت هذه العملية بإسم "الممسحة" والتي أرتكبت وفقا "لتقاليد الأسرة العلوية الحاكمة"! كما أعلن عنها الملك محمد الخامس، وقد ظلت منطقة الريف المنكوبة منطقة عسكرية حتى عام ١٩٦٢، كما أرتكب هذا الحسن مجزرة في حق المضربين عن العمل عام ١٩٨١ قدرت منظمة العفو الدولية ضحاياها بأكثر من ألف شهيد، وحتما وفق تقاليد الأسرة العلوية الحاكمة!، وغير ذلك من الجرائم التي أرتكبت في حق الشعب المغربي من قبل هذه الأسرة الإجرامية.
وفي عام ١٩٧٥ لم يجد الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز والذي تعز عليه القدس كثيرا! وكان يحلم بالصلاة في أقصاها قبل موته، لم يجد سوى الملك الحسن الثاني ليكون رئيسا للجنة القدس التي أنبثقت عن إجتماع لمنظمة المؤتمرالإسلامي، وهي اللجنة التي لم تجتمع سوى مرة واحدة خلال أربعة وعشرين عاما وذلك لهدف إعلامي بحت.
وعندما قرر الملك الحسن الثاني إنشاء الساتر الترابي لحماية حدود مملكته من جبهة البوليساريو على نسق خط "بارليف" الصهيوني عام١٩٨٠، لم يجد سوى الكيان الصهيوني ليقوم ببناء هذا الساتر والذي كلف بليون دولار دفعها النظام السعودي بالنيابة عن حكام المغرب، وذلك كرد جميل لما قدمته المغرب في إنجاح مفاوضات السلام بين مصر والكيان الصهيوني المشهورة بكامب ديفد، والتي بدأت أول إجتماعاتها في الرباط عام ١٩٧٧.
في عامي ١٩٧٧ و١٩٧٨ مول النظام السعودي إرسال ألوف الجنود المغاربة الى الكونجو (زائير) من أجل إنقاذ رئيسها موبوتو عميل المخابرات الأمريكية وأحد أشهر السفاحين والفاسدين على مدى التاريخ وجزار المسلمين في الكونجو وناهبهم، وذلك عندما حدثت الإضطرابات ضده، أول دفعة كانت عبارة عن ألف وخمسمائة جندي مغربي شحنتهم الطائرات الفرنسية الى الكونجو وأستخسرت فيما بعد إعادة المئات من جثامينهم الى بلدهم، وكل ما يهم أن تصل عدة ملايين من الدولارات من المال السعودي لحسابات الحسن الثاني السرية في سويسرا، والأهم من هذا أن يرسم الأمير فهد بن عبد العزيز(أدار هذا الملف في عهد أخيه الملك خالد) أن يرسم البسمة على وجوه أساطين الحكومة الأمريكية وشياطين مخابراتها، أما أسر الضحايا من الجنود المغاربة التي قد تكون تسولت بعدهم فلم يسأل عنهم أحد، بل ربما تسرب أطفالهم وصاروا من ضمن الأطفال الذين تعج بهم قصور آل سعود في المغرب ليمارس معهم كل أساليب الشذوذ والمجون وبحماية من العرش المغربي، هل عرفتم الآن لماذا يريد النظام السعودي ضم المغرب لمجلس التعاون الخليجي؟
وما أكتفوا ملوك المغرب وسلاطينهم بكل هذا، بل تنازلوا عن بلاد الأمة لصالح محتليها الأسبان، تنازلوا عن مدينتي سبتة ومليلة وعن جزر عائشة وليلى وصخرة الحسيمة، وقد تم إحتلالها من قبل الأسبان بأمر من الفاتيكان بعد إستردادهم للأندلس، ولا زال يقبض حكام المغرب أموالا طائلة مقابل سكوتهم عن هذه البلاد وليس من العجب أن يكون النظام السعودي هو من يدفع مقابل هذا الصمت، وما أتفه المقابل والذي هو عبارة عن السماح لأمراء آل سعود بشراء منطقة من أجمل مناطق أسبانيا لتكون لهم كملاذ آمن فيما لو طردوا من الجزيرة العربية، وهي منطقة "ماربيا" التي تعج بقصورهم وقصور الخارجين عن القانون من رجالاتهم في العالم العربي، "ماربيا" الأرض التي باركها الله! كما قال الملك الراحل فهد بن عبد العزيز لصحفي فرنسي والذي سأله بخبث عن سرإختيار الملك لبناء قصره الخيالي في "ماربيا".
عندما فرط الملك الحسن الثاني تبين لنا أن اليهود هم أكثر من خسره، وظهر ذلك من خلال عزائهم فيه، فهذا جزء من بيان رئيس الوزراء الصهيوني إيهود باراك بمناسبة موته :" .. لقد صُدم الشعب والحكومة في إسرائيل بإعلان وفاة الملك الحسن الثاني ملك المغرب، فطوال حياته أظهر الحسن الثاني شجاعة نادرة وحكمة سياسية جعلت منه رائداً في التقارب مع إسرائيل، وفي بناء جسور سياسية واقتصادية بين البلدين. وقد أصبح صديقاً لشعب إسرائيل كما كان حبيباً ليهود المغرب. إن إسرائيل كلها تحني رأسها أمام ذكراه وتشارك في الحزن العميق للشعب المغربي".
وهذا بعض ما كتبه محرر القسم السياسي في صحيفة الجيروساليم بوست : " لقد كان سلوك الملك الحسن صاحب الوجه الصخري والعلاقة الوثيقة مع الغرب تجاه اليهود وتجاه إسرائيل سلوكاً يدعو للإعجاب. وفي حين أن معظم النظم العربية ناصبت إسرائيل العداء إلى درجة التهديد بإبادتها فإن الحسن سمح للموساد ( جهاز المخابرات الإسرائيلي ) بأن تقيم مركزاً كبيراً لها في المغرب ، وكذلك فقد كان هو الرجل الذي استضاف الاجتماع الأول بين موشى ديان وبين حسن التهامي مبعوث الرئيس السادات وكان هذا اللقاء (سنة 1977) هو الذي مهّد فيما بعد لاتفاقية كامب ديفيد"، ناهيك عن عمالة هذا الملك للمخابرات الأمريكية، بل أن مدير المخابرات الأمريكية روبرت كيسي أعتبر الحسن الثاني عميل من النوع الخاص في الثمانينات من القرن الماضي.
كما تورط الحسن الثاني في مساعدة المخابرات الفرنسية في إختطاف قادة الثورة الجزائرية وعلى رأسهم أحمد بن بلة حين ترك فريق تابع للمخابرات فرنسية مع طيارين بقيادة الطائرة المغربية التي أستقلها قادة الثورة الجزائرية حيث تم خطفهم عام ١٩٥٦.. ولا ندري إن كان ذلك وفق تقاليد الأسرة العلوية!.
وليتذكر العرب كم من مؤتمر أجري في الرباط، بالطبع ما أكثرها وكان يتم التصنت عليها مباشرة من قبل الكيان الصهيوني وأعترف أحد عملاء الموساد الصهاينة بأنه أستمع لكل مناقشات الزعماء العرب في مؤتمر قمة الرباط سنة ١٩٦٥ مباشرة، ثم ألا يمكن أن تكون قد زرعت قصور حكام وأمراء آل سعود أيضا بكاميرات وأجهزة تصنت تابعة للصهاينة وأجهزة إستخبارات غربية أخرى، لا بد وأن حدث أمرا كهذا ونقل ما جرى فيها من فضائح وتم إبتزازهم بها، ولا ننسى أن للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز نفسه قصرا في المغرب ويقضي جل "إجازاته" فيه.
ثم يأتي لجوء حكام المغرب إلى إفشاء العنصرية البغيضة بين أبناء الشعب المغربي كي يستقووا على هذا الشعب، وبالأخص ما يتعرض له الأمازيغ من تمييز عنصري وظلم وإنتهاك فاضح على مدى مئات السنين والذي أنتهى بمحاربتهم في الصحراء الغربية، فقط قبل أيام تذكر ملك المغرب محمد السادس في خطابه الأخير لغتهم الأمازيغية ووضعها من ضمن لغات الدولة، وفي ظل صمت رهيب من قبل العالم الإسلامي، فهل نست الأمة ما قدمه هؤلاء في سبيل نصرتها عندما فتحوا الأندلس وأستطاعوا حماية حدود الدولة الإسلامية على مدى مئات السنين من خطر الأسبان والبرتغاليين والفرنسيين، بل أن أكبر وأجد محاولات إستعادة الأراضي المغربية السليبة كسبتة ومليلة كانت على يد البطل الأمازيغي عبد الكريم الخطابي رحمه الله، آن لنا بأن نعيد الإعتبار لهؤلاء فكفاهم ظلما، مع أنا لن نفي بذلك لو مهما فعلنا، بعد أن كافأنا بطلهم الكبير وبطل الأمة طارق بن زياد فاتح الأندلس بأن تركناه يموت وهو يتسول على أبواب جوامع دمشق، لا لذنب إلا لأنه رفض طلب سليمان بن عبد الملك تأخير إعلان فتح الأندلس حتى وفاة أخيه الخليفة الوليد بن عبد الملك والذي كان على فراش الموت وذلك كي يجيّر هذا الفتح بإسمه .. آه ما أنذلنا.
أما ما نتج عنه من فساد وسياسة حكام المغرب فقد أدى إلى أن يكون أكثر من نصف الشعب المغربي يعيشون فقرا مدقعا، وقد تحدثت وثائق "ويكيليكس" عن فساد مستشر على مستوى عال ونطاق واسع من قبل العائلة الحاكمة المغربية; ما يقرب من تسعة ملايين دولارا تصرف كرواتب شهرية لموظفي القصر، مئة وستون ألف دولارا تصرف شهريا على صيانة سيارات القصر، ستة وثمانون ألف دولارا تصرف شهريا لإعلاف حيوانات قصره; قارن ذلك بمتوسط دخل الفرد في المغرب والذي وصل إلى ألف وخمسمائة دولارا سنويا، أما ما تتكلفه الخزينة المغربية للملك محمد الخامس بشكل عام سنويا فيصل إلى ثلاثمائة وثلاثة وخمسين مليون دولارا، ثمانية عشر مرة أكثر مما تكلفه الملكة اليزابيث للخزينة البريطانية!.
يلقبون أنفسهم بإسماء كبيرة ك"أمير المؤمنين" و"الخليفة السلطاني" ويحيطون أنفسهم بقدسية وهالة هم بعيدون عنها كل البعد، ويجبرون أبناء المغرب على الركوع لهم وتقبيل أياديهم حتى أن من يرفض هذه العادة القبيحة يتعرض لإذلال وعقاب بسبب ذلك وكأني بهم يخدعون المسلمين بهذه المظاهر، كما أنهم يخبئون خلفها حقيقتهم، فأفعالهم أفعال يهود وإخلاصهم لليهود ولا يستقوون الا باليهود ولا يفتخرون الا بقوة اليهود .
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment