Tuesday, March 8, 2011

كيف تخلع حاكما عربيا في ستة أيام..

كيف تخلع حاكما عربيا في ستة أيام..

محمد الوليدي


لن أأتي بشيء جديد ، فالثورتان التونسية والمصرية علمتنا الدروس الأهم ، ويكفي ان زمام المبادرة كانت للثورة التونسية وأن الثورة المصرية خلعت في تحد لا مثيل له الديكتاتور الأكبر "عباطة" وجلافة - ربما - بين الحكام العملاء الآخرين ، وأظهر الشعب المصري بأنه حين يريد فأن كل الدنيا لاتستطيع كسر إرادته ، إذن ماذا تبقى للشعوب العربية كي تتعلم وكي تنهض؟

عامل الخوف سقط ، وثمة عامل في غاية الأهمية في صالح الشعوب ظهر بوضوح ; وهو أن النظام الأمريكي وأنظمة الغرب التي طالما حمت هؤلاء الحكام العملاء لا يمكن أن تستمر في حمايتهم وقت الثورة والشعوب الغربية ترى كيف أن أجهزة أمن هذه الديكتاتوريات تطلق الرصاص الحي على صدور متظاهرين لا حول لهم ولا قوة من أجل حقهم المشروع ، ففي هذه اللحظة ستخشى أنظمة الغرب من شعوبها فيما لو حاولت حماية هذه الديكتاتوريات وهذا ظهر جليا في كلتا الثورتين.

وحتي حين يطلق هؤلاء الحكام قطعان أمنهم على المتظاهرين وقد يقتلون ما يقتلون ففي هذا سيكون وبالا على هؤلاء الحكام كما ظهر في الثورتين ، فلا أكثر تعاسة وغباء في من يزيد من طغيانه وجبروته في مرحلة كهذه ، ناهيك أنه لا أسمى من كوكبة الشهداء هذه التي سقطت في الثورتين ، فقد أضاؤوا بدمائهم الزكية الليل الأشد حلكة في التاريخ العربي ورووا بدمائهم أعظم ثورة ضد الظلم والطغيان والقهروالجبروت الذي عاشته شعوب العرب لأكثر من تسعين عاما ، ودكوا بدمائهم الطاهرة عروشا ظالمة لطالما ظلت مطمئنة وهي تستبيح شعوبها دون حسيب أو رقيب ودون خوف من أحد ، ثم على رسلك ألم يكن هؤلاء الشهداء ممن ينطبق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر ، أمره ونهاه ، فقتله " نسأل الله عز وجل أن يكونوا في أرفع درجات الشهداء ، فكم من ظلم مظلوم وجور حرة أزاحوه بدمهم الزكي.

العامل الأهم هو وحدة الشعوب ، ففي الثورتين التونسية والمصرية كانت الوحدة بين أبناء الشعبين واضحة وقوية فتونس وقفت كلها مع مدينة سيدي بوعزيزي ، وأغنياء مصر وفقراؤهم وأهل المدن والقرى والبدو كانوا يدا في يد في هذه الثورة وفي هذا أكبر عوامل إنجاح أي ثورة ، ومن يسعى لفرقة لإضعاف ثورة ما فعليه أن يتذكر بأنه يحتمل وزر ظلمات هذا الحاكم أو ذاك.

عامل الصبر مهم وقد تحتاج الثورة لتضحيات ولكن دولة الظلم ساعة و دولة الحق الى قيام الساعة ، فإلى كم سيمضي ليل الظالمين .
حتى الآن وفي كلتا الثورتين لم يستخدم العصيان المدني مع أن إستخدامه أو التهديد بإستخدامه قد يوفر الكثير من الوقت ، لذا يجب الإنذار به من البداية ليتم تطبيقه في اليوم الرابع من التظاهر السلمي، وفيه يتم الإتجاه لمراكز الحكم الرئيسية وأبواق الحاكم الإعلامية ويتم إحتلالها بالكامل وإيقاف العمل فيها.

اليوم الخامس فيجب فيه إستباحة أملاك كل من يقف مع الحاكم وهذا يشمل أملاك حتى الأنظمة الأخرى التي تدعم هذا الحاكم أو تساعده على البقاء لمدة أكثر ولا يستثنى من هذا أملاك ومشاريع الأفراد المعروفة بعلاقتها مع الحاكم ، او تم إنشائها بواسطة عقود مع الحاكم أو أحد أفراد إسرة الحاكم فتظل مشاريع غير شرعية عقدت مع حاكم غير شرعي على حساب الشعب وتمت برشاوى زادت من تقوية هذا الحاكم.

وقد لاحظنا أن الديكتاتور المصري المخلوع أستمات في سبيل البقاء لمدة ستة أشهر أو على الأقل أن يستقيل بطريقة عادية ، وما هذا حتى يضمن بقاء العقود التي وقعها وأفراد من أسرته مع العديد من الفاسدين ونهب على أثرها مليارات الدولارات وهربها خارج البلاد ، لقد بلغت من قذارة هذه الحكام انها تهّرب هذه الأموال خارج البلاد وهي تعلم ربما بأن الغرب سيقوم بتجميدها وهذا لا يهمهم ، فقط ما يهمهم أن لا يستفيد منها الشعب.

ثم يأتي عامل الحط من قيمة وهيبة هؤلاء الحكام وتصغيرهم في عيون الشعب عبر السخرية منهم وتحقيرهم ، وهذه كانت واضحة في الثورة المصرية ومع أن هذه المهمة لا يكاد يجيدها سوى الشعب المصري الشهير بخفة دمه وسرعة بديهته ، إلا أن الشعوب ييجب ان تضعها ضمن أولوياتها.

يظل العامل الديني وهو العامل الأهم فعلى الشعوب أن تؤمن بأن ثوراتها هذه أعظم من الفتوحات الإسلامية ، فهؤلاء الحكام أردوا بحال الأمة بشكل لا مثيل له ولا أوجب من حربهم والخلاص منهم ، بل من يتخلف عن الثورة عليهم حاله يكون حال القاعدين الذين قال الله تعالى فيهم "وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ ".

وإذا كان الحاكم بجبروت أن يظل حتى اليوم السادس ، فحينها يكون هذا اليوم له ولأسرته ، مع أنني لا اعتقد بأن من تبقى من هؤلاء الحكام وبعد ما جرى أن يظل حتى اليوم السادس.
اللهم نصرك على الظالمين.

No comments: