لأحد, 27 مارس 2011 12:41
اليمن الحزين في عهد الشاويش صالح
محمد الوليدي
هل هو هذا مقدور اليمن أن يظل حزينا ويظل رهن الفقر والتخلف؟ وكأنه حُسِد على تسميته باليمن السعيد فما أن ينتهي من حكم جاهل متسلط حتى يقع في براثين من هو أشد تسلطا وجهلا.
فما أسوأ من طالعه حين حكمه الشاويش علي عبد الله صالح بكل ما أوتي من أساليب المكر والدجل والخبث.
ولد لأسرة زيدية فقيرة مفككة قرب صنعاء عام ١٩٤٢، وبعد طلاق والديه زادت مصائبه فأستخدمه بعض أقاربه في رعي أغنامهم بعد أن فشل حتى في التعليم الإبتدائي، وكان يحلم بحذاء لقدميه الحافيتين وأن يأكل ويلبس مثل بقية أقرانه ولأجل هذا السبب لا غيره دخل الجيش، قبل عدة سنوات عثرت إحدى المستشفيات الغربية التي أجرى فيها فحصا طبيا على مسمار قديم في إحدى قدميه.
وما أن دخل الجيش حتى بلغ فيه أرفع الدرجات، بعد أن وجد فيه ضالته وأكثر، حتى وصل لأن يحكم اليمن(الشمالي آنذاك) عام ١٩٧٨.
وفي سني حكمه عانى اليمنيون المزيد من التخلف والأمية والفقر والفساد والذي سبق وأن عانوه في عهد الأئمة الذين سبق وأن حكموا اليمن، لكن هذا الشاويش أراهم ما لم يروه من قبل، فعاملهم تماما كقطيع من الأغنام مستخلصا العبر من مهنته الأولى مع حقد دفين بسبب طفولته التي لم يعشها، فأنتقم من الشعب اليمني شر إنتقام فزاده فوق جهله جهلا وفقره فقرا وتخلفه تخلفا وأخّرهم عن ركب التحضر والمدنية ماضيا على سنة سابقيه وبأساليب أبشع، بعد أن كان الشعب اليمني سادة العرب علما وأدبا وحضارة، بل هم من أوجد علم الإجتماع فالعالِم العربي الوحيد بين العلماء المسلمين كان يمنيا وهو "إبن خلدون".
وساعد على نشر الرذيلة فاتحا أبواب "السياحة" -سياحة الرذيلة- على مصراعيها للجيران وغيرهم، كما ساعد على نشر المخدرات والخمور والقات لإبقاء الشعب اليمني منحلا مخدرا لا حول له ولا قوة، فقدم المزيد من مساحات الأراضي الخصبة لزراعة القات، ولم يعترض على قطع أشجار البن الذي يشتهر به اليمن وزرع القات بدلا منه، وحين توالت النداءات عليه لإيقاف هذه العادة القبيحة، كان رده "دعوا الناس تأكل القات وتسب الحكومة وتنام!".
أما تهريب المخدرات والخمور فهو منتشر على نطاق واسع ودون تقييد لغاية في نفس يعقوب، ومزحته في إحدى وثائق "ويكيليكس" لم تبتعد عن الحقيقة حين قال بأنه لا يعترض على تهريب الويسكي ان كانت نوعيته جيدة.
وكي يسيطر على أوضاع اليمن كما يشاء سلم جل المناصب العسكرية والمدنية الهامة لإبنائه ولإخوته وأبناء إخوته وأنسبائه وأقربائه وكل من ضمن إخلاصهم والإنتفاع منهم.
فأختص لنفسه قيادة الجيش وأجهزته القضائية، وسلم قيادة الحرس الجمهوري والقوات الخاصة لإبنه أحمد يمتلك العديد من الشركات النفطية والسياحية والزراعية ويعمل في تجارة وتهريب الأسلحة، أما سلاح الجو فسلمه لأخيه (من أمه) محمد صالح الأحمر يمتلك شركة الحاشدي النفطية وشركات أخرى، أما إدارة مكتب القائد الأعلى ومستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة فسلمها لأخ آخر له يدعى علي صالح الأحمر، وأخ آخر له يعد أهم ذراع له في السابق يدعى علي محسن الأحمر وهو قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية وقائد الفرقة المدرعة الأولى في اليمن، حاول علي عبد الله صالح قتله كما ورد في إحدى وثائق "ويكيليكس" وذلك أثناء قتاله مع الحوثيين حين قدم للطيران السعودي معلومات كاذبه بأن مقر أخيه محسن الأحمر هو قاعدة للحوثيين!! أنشق عنه مؤخرا- يمتلك شركات نفطية ، وإبن الأخير محمد علي محسن الأحمر قائد المنطقة العسكرية الشرقية (حضرموت) وأحد ناهبيها أنضم مؤخرا للثورة.
يحيى محمد عبد الله صالح، رئيس أركان قوات الأمن المركزي، إبن أحد أخوة صالح، طارق محمد عبد الله صالح قائد الحرس الخاص، عمار محمد عبد الله صالح قائد قوات الأمن الوطني.
وغيرهم الكثر من أقربائة وأنسبائه مما لا يتسع المجال لذكرهم أو ذكر ممتلكاتهم، فلا تكاد توجد شركة ناجحة في اليمن ألا وتجدهم أما ملاكا فيها أو شركاء بدعوى (الحماية) وعلى رأسهم الرئيس نفسه علي عبد الله صالح.
رغم الثروات الطائلة التي نهبها علي عبد الله صالح، إلا أنه لم يكتفي ولا اعتقد أن مثله يكتفي، فما من شيء إلا وله ثمن عنده، وإن لم يكن له ثمن لجعل له ثمنا، ومن يقرأ تاريخ فساده لتيقن بأنه حتى لو سلّم عليه أحدهم لطلب منه ثمن رد السلام.
فلا زال يقبض أموالا طائلة من الحكومة السعودية مقابل صمته عن قضية عسير اليمنية التي أحتلتها السعودية عام ١٩٣٠، وحين كان يريد المزيد من الأموال يفتعل القلاقل على تلك الحدود، فتدفع له حين ذلك السعودية ما يريد.
كما قبض أموالا طائلة من الحكومة السعودية مقابل إيقاف أربعين شركة نفطية من التنقيب عن النفط في أراض يمنية لا تريد السعودية أن يتم أي تنقيب عن النفط فيها، والمضحك المبكي أنه نفسه علي عبد الله صالح شريك رسمي في شركة إستشارية للتنقيب عن النفط وهي التي تدير هذه الشركات وتوجهها الى أماكن التنقيب.
وفي إطار الحرب على "الإرهاب" دخل على الخط بقوة من أجل الحصول على المزيد من الأموال، وأقنع أمريكيا والسعودية بأن لديه المفتاح السحري للسيطرة على "الإرهاب"، لكنه في الوقت الذي أقنعهم فيه بأن أخطر الأرهابيين عنده; طلب منهم المال حتى لا يخرج الأمر من يده، فأنهالت الأموال عليه من قبل الحكومتين الأمريكية والسعودية، في إحدى الدفعات، قدمت له أمريكيا أكثر من مليار دولار، ربما دون أن تدري أمريكيا بأنه هو الذي يصنع الإرهاب أو يسهل له للتكسب من محاربته المزعومة، مع أن أمريكيا أستطاعت أن تكشف بأن أحد أخوة علي عبد الله صالح وهو علي محسن الأحمر قد تعاون مع الذين نفذوا الهجوم على المدمرة الأمريكية "كول" أو على الأقل يعرف بالهجوم مسبقا، وعلى يقين بأنه إن كان يعرف فأن علي عبد الله صالح يعرف قبله.
أما خيبة النظام السعودي فقد وردت بمرارة على لسان الأمير محمد بن نايف حين قال حسب إحدى وثائق "ويكيليكس" بأن الأموال التي ندفعها لعلي عبد الله صالح لمحاربة الأرهاب تذهب لحساباته في سويسرا.
لقد جعل من اليمن مستباحة بالكامل للقوات الأمريكية والمخابرات الأمريكية تقتل فيها من تشاء وتعتقل فيها من تشاء " لقد أعطيناكم بابا مفتوحا لمحاربة الإرهاب" كما قال لجون برنان نائب مستشار أوباما للأمن الوطني، ولا شيء مقابل ذلك سوى " المال وطائرات هيلوكبتر وسيارات بصفارات إنذار!.." ولا ادري ماعلاقة هذه السيارات المخصصة للمواكب بالحرب على الإرهاب، لقد ذكرني ببعض القبائل اليمنية التي كانت تخطف عمال الشركات الأجنبية ثم تطالب بعدد من "ليلى علوي" كفدية مقابل إطلاق سراحهم، وكانت هذه الشركات تضطرب قاطعة الأمل من عودة مخطوفيها لغرابة تنفيذ هذه الطلبات بل وإستحالتها، لكنها تتنفس الصعداء حين تعرف أن ليلى علوي هذه مقصود بها سيارة "لاند كروزر".
وفي حربه مع الحوثيين حاول إدخال عدة أطراف فيها ونجح في ذلك وما كان هذا إلا للتكسب من هذه الحرب وكسب الكثير بالطبع، وبلغ من خبثه حين أشتدت عليه الضغوط لإيقافها أن يرسل بتاجر سلاح في مهمة إيقاف هذه الحرب!.
وحتى الموساد الإسرائيلي ناله نصيب من كرم علي عبد الله صالح، فقد سمح ليهود اليمن بزيارة اليمن متى شاؤوا وأغلب هؤلاء بالطبع من الموساد، وأعتبرهم "يمنيون يعيشون في الخارج"، وأثناء حريق غزة شدد على حراسة الموانئ اليمنية بطلب أمريكي، خوفا من تهريب أي أسلحة لغزة.
وحين طلبت منه الحكومة الأمريكية أستقبال أبناء شعبه من سجناء غونتمالو طلب ١١ مليون دولار مقابل ذلك! ناهيك عن فضائحه الأخرى وأكاذيبه العديدة التي عجت بها وثائق "ويكيليكس" والتي يمكن للقارئ الإطلاع عليها بسهولة.
لا بد من خلع هذا الرجل حالا ومحاكمته على جرائمه التي أرتكبها في حق الشعب اليمني وإعادة ما نهبه ونهبته أسرته، فالصمت عليه خيانة والتفاوض معه إثم وحربه جهاد.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment